أمد/ كفاح زبون غزة: صالح النعامي/ أكدت مصادر فلسطينية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة الفلسطينية تملك وثائق هامة من شأنها إدانة قطر في قضايا متعلقة بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وأخرى لم تشأ المصادر تحديدها، لكنها أوضحت «أنها خطيرة».
وبحسب المصادر، فإن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، هو الذي منع نشر هذه الوثائق سريعا، كما كان ينوي بعض المسؤولين الفلسطينيين، ردا على ما نشرته قناة «الجزيرة» القطرية من وثائق ضد السلطة، لكنها ستظهر في مراحل لاحقة.
ودخلت علاقة السلطة بقطر في أسوأ مراحلها على الإطلاق، وسمح في رام الله، بإحراق صور الأمير القطري كدلالة على تحميله مسؤولية ما نشرته «الجزيرة» من وثائق سربة.
وبسبب هذا التوتر الكبير، ما زال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مترددا في الذهاب إلى قطر مطلع الشهر المقبل لحضور مؤتمر القدس الذي دعته إليه جامعة الدول العربية، وإن كان هناك مسؤول كبير في السلطة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيذهب على الأرجح.
واستمرت «الجزيرة» في نشر مزيد من الوثائق التي حصلت عليها من مكتب شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، وحاولت في الحلقتين السابقتين إلهاب مشاعر الفلسطينيين بعد اتهام السلطة بالمشاركة في قتل مقاومين، وبمعرفتها، حول الحرب على قطاع غزة.
واتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، «الجزيرة» بالعمل على نشر الفتنة في الأراضي الفلسطينية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يفتحون أبواب الثارات الشخصية والعائلية، هذا تزوير ما بعده تزوير، الأخ نصر يوسف (وزير الداخلية الأسبق) لا علاقة له بالأمن الآن».
وكانت «الجزيرة» نشرت مقتطفات من حوار جرى في 2005 بين وزير الداخلية الفلسطيني آنذاك نصر يوسف، ووزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، أظهر أن موفاز طلب من يوسف قتل القيادي الناشط في كتائب الأقصى التابعة لفتح، حسن المدهون، فأخبره بأنه حول الأمر إلى مسؤول الأمن الوقائي، رشيد أبو شباك، وذلك قبل اغتياله فعلا بصواريخ طائرات إسرائيلية.
وقال يوسف في مقابلة مع قناة «الجزيرة»: «هذه وثيقتكم التي اعتمدتموها، والآن أقدم لكم وثائق رسمية»، كان يحمل النسخة التي بثتها «الجزيرة» والنسخة التي يقول إنها الأصلية، «الفرق بين الوثيقتين وما تم تزويره وتحريفه ظلما وعدوانا».
وتعتبر هذه الوثيقة من أخطر ما نشرته «الجزيرة»، إذ تتهم فلسطينيين بالاسم بقتل فلسطينيين آخرين، وهو ما قد يفتح باب الانتقام.
وفورا قالت حماس التي تسيطر على غزة وأخرجت الآلاف في مظاهرات كبيرة، مع فصائل أخرى، تنديدا بالسلطة: «إن الوثائق المتعلقة بملف التنسيق الأمني هي وثائق خطيرة جدا، وتمثل أدلة قاطعة على تورط القيادة المتنفذة في السلطة ومنظمة التحرير في تصفية مقاومين فلسطينيين والتحريض على حصار غزة وإعادة احتلالها، وكذلك التخطيط مع الأميركيين والاحتلال في محاولة لتصفية حماس من خلال مخطط دايتون عام 2007، ثم محاولة تصفية الحركة في الضفة المحتلة من خلال التنسيق الأمني».
ودعت حماس الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده إلى «التعبير عن رفضه لهذا السقوط الأمني والسياسي والعمل على عزل وحصار هذه الفئة الساقطة أمنيا وسياسيا».
وأعلنت حماس أنها تجري مشاورات معمقة داخل الحركة وخارجها مع قوى فلسطينية وشخصيات وطنية لبلورة موقف وطني في مواجهة هذا السقوط الأمني والسياسي للفريق المتنفذ في السلطة ومنظمة التحرير. وتدرس السلطة الآن إمكانية مقاضاة قناة «الجزيرة»، وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال إنه يعرف كيف يثبت تزييف «الجزيرة».
ونفى نصر يوسف، وزير الداخلية الفلسطيني الأسبق، أن صحة ما نشرته «الجزيرة»، وقال إنه «كذب صراح وتلفيق رخيص»، متعهدا بمقاضاة القناة لما سببته من أذى لتاريخه ونضاله في سبيل القضية الفلسطينية.
وقال يوسف: «لم تكن لي علاقة بجانب المعلومات نهائيا خلال تسلمي منصب وزير الداخلية في عام 2005 لمدة 10 شهور فكيف يمكن لقناة (الجزيرة) أن تقوم هكذا وبكل بساطة باتهامي بالمشاركة في قتل فلسطيني، وخصوصا أن الإسرائيليين رفضوا التعامل معي نهائيا بمن فيهم وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز، في حينه، حيث كانت هناك تعليمات واضحة من شارون بذلك». ويتسمر التحقيق حاليا في رام الله لمعرفة كيف خرجت الوثائق إلى «الجزيرة»، ورفض عريقات اتهام أشخاص نشرت أسماؤهم في صحف ومواقع إلكترونية في اليومين الماضيين، وقال: «التحقيق مستمر لمعرفة كيف خرجت الوثائق وهل خرجت من مكتبي أم لا، وإذا ما ثبت أنها خرجت من مكتبي فأنا وحدي أتحمل المسؤولية الكاملة، وأنا أعرف ماذا يعني هذا الكلام».
وكانت مصادر في السلطة اتهمت موظفا سابقا في مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين، يعمل حاليا في ديوان أمير قطر، بسرقة وتسريب «الوثائق» التي تبثها قناة «الجزيرة».
وقالت المصادر إن الموظف كان يعمل في دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، وتم إنهاء خدماته قبل 7 أشهر. وبحسب المصادر فإنه فرنسي الجنسية من أصل فلسطيني، وإنه يعمل حاليا «في ديوان القصر الأميري بقطر».
إلى ذلك، قال رئيس حكومة غزة، إسماعيل هنية، إن الشعب الفلسطيني يرفض بشدة فكرة «الوطن البديل»، التي يطرحها الإسرائيليون كحل لقضية اللاجئين. وخلال احتفال بمرور عامين على تدشين المستشفى العسكري الأردني في غزة الليلة قبل الماضية، قال هنية: «لا مكان لمصطلح التوطين في أدبياتنا السياسية والعودة حق مقدس ليس خاضعا للبحث أو للنقاش». وأضاف: «لا يمكن لنا أن نتساوق مع المشاريع الإسرائيلية الداعية لوطن بديل، فالأردن سيبقى ذا سيادة، ولن تكون هناك حلول سياسية على حساب الأردن وشعبه، والفلسطينيون سيعودون إلى أرضهم، فإن فلسطين للفلسطينيين كما أن الأردن للأردنيين». وحث هنية الأمة والدول التي احتضنت اللاجئين الفلسطينيين «أن تغلق الباب أمام تلك المشاريع».
إلى ذلك، قال شهود عيان إن مسلحين حطموا محتويات استوديو تستخدمه قناة «تلفزيون الجزيرة» في الضفة الغربية أمس وربطوا الهجوم بتغطية «الجزيرة» لتسريبات وثائق أحرجت القيادة