نقطة حبر سوداء في كاس من الحليب الأبيض
سأبدأ اليوم مقالتي هذه عن فترة كانت الثورة في عصرها الذهبي سواء في الداخل أو الخارج فترة السبعينات فترة عشتها وعاشها أبناء الثورة القدامى ربما ليتعظ بها الجيل الجديد ويتعلم منها ولو قليلا...فترة كانت عصيبة بأتم معنى للكلمة من مؤامرات تحاك من كل حدب وصوب وكانت أنياب العدو العسكرية والجاسوسية في أوج نشاطاتها ورغم هذا كله كانت أيام جميلة ولها الحنين الأول ...كانت فترة جميلة بتكاتف مقاتليها ومؤازرة الأخر رغم الاختلافات السياسية والفكرية والعقائدية .....
رغم مرارة الاحتلال والسطوة الصهيونية اليومية على أبناء ثورتنا سواء بالداخل أو الخارج ورغم تعدد التيارات السياسية ..كانت جميعها كقوة واحدة وكأنها تأتمر بأمر واحد في كل المواجهات مع العدو الصهيوني ...لم تكن لديهم الرغبة أو المعرفة أو الطموح لراتب أو رتبة فقط كانت رتبة مناضل تفي بالغرض وكان لها السحر المؤثر وكم كنا فخورين بتلك الكلمة وبمعانيها المتشعبة...
كان همهم الأساس والتسابق على من يريد ان يقوم بعمل عسكري قبل الآخر أو من يقوم بدورية قبل أخيه ورفيق دربه ..الشيئ الوحيد الذين كانوا يحسدون بعضهم عليه من سيكون المحظوظ في القيام بعمل عسكري ...في الداخل كان المناضل يعمل نهاراً أعمالاً مدنية وليلاً مناضلاً عسكرياً وسلاحه وعتاده نتاج عمله اليومي ..يحرمون أبناءهم من الطعام ليشتروا قطعة سلاح أو ذخيرة لعمل بطولي سيقوم بهِ ..
هؤلاء الأبطال كانت قلوبهم وقلوب كل أبناء شعبنا بيضاء صافية وناصعة جميعها بلون واحد رغم اختلاف الأجسام واختلاف الانتماء السياسي..لو نظرت في قلوبهم كأنك تنظر بكاس من الحليب الصافي ...ورغم كل المؤثرات الخارجية للشراء والبيع بقضيتنا إلاّ أنه كان هناك أسداً كان لهم بالمرصاد حام لهذه القلوب البيضاء الأسد البطل الزعيم الرمز والشهيد البطل ياسر عرفات ....
وبقيت هكذا الى أنّ غدر حاميها بأيادٍ صهيونية وسقط الأسد مسموما ولم يستطع خلَفه برغم ما أوتي من حنكة وقدرة سياسية فذة إلاّ أنه كانت هناك مؤثرات قوية ونفوس مريضة حيث كان ظهور أصحاب القلوب السوداء والذين انتشروا بين أبناء شعبنا الفلسطيني كنقطة حبر سوداء سقطت في كاس الحليب الفلسطيني الأبيض ......وهناك نقطة سودا في قلب كل مناضل الآن وجب ازالتها قبل ان تتفشى بالجسم كله ...يكفينا انها تفشت في بعض القلوب الضعيفة او اصحاب القلوب المغشوشة ..
لقد اصبحت وللأسف نقطة الحبر السوداء جزء لا يتجزا من الحليب الابيض ولا يستطيع احد فصلها عن الحليب لذا وجب تنقيته من هذا الجسم الفاسد والغريب على التركيبة الفلسطينية ...ربما يعود للحليب بعض بياضه وبعض صلوحيته ...
لا نريد لن يبقى الشعب الفلسطيني كرجل اعمى يخاف الظلام ..نريده كرجل لايخاف الظلام ان كان اعمى اوبصيرا ..فهل يمكن تنقية الحليب من نقطة الحبر السوداء ..
عطية ابوسعده